القبائل العربية” معاناة 40 عاماً.. والجهات الرسمية تلتزم “الصمت” 10 يناير 2016 24 تعليق فاطمة الجعفري - المدائن معاناة مستمرة لأكثر من 40 عاماً لأبناء القبائل العربية “البدون” في السعودية، وملفات تكدست لسنوات طوال، ومعاملات تتنقل ما بين وكالة الأحوال المدنية والجوازات واللجنة المركزية، وكل جهة تلجأ إليها لا تحصل على أكثر من معلومة “تحت الإجراء” من موظف الاستقبال، دون أن تصل إلى المسؤول للتحدث معه. وكما يروي أصاحب القضية، فإن هناك حيل يستخدمها بعض المسؤولين عن ملف القبائل العربية بتشتيت الانتباه وتنويع ملف “البدون” لتمييع القضية وإبداء أنها ملف معقد، من خلال تشتيت نظرة المتلقي وتشويش أفكاره بكثرة تقسيم الملف بمسميات كثيرة، ومنها: الذين لم يقوموا بتجديد وثائقهم منذ 1420هـ، بسبب اعتراضهم على ظلم اللجان القائمة على ملفهم. وكذلك الذين لم يجددوا وثائقهم المنتهية في 1435هـ، بسبب طلب التوقيع على تعهد الإذعان بتوفير جوازات سفر أجنبية لأبناء ولدوا وترعرعوا في المملكة، إضافة إلى قسم شهادات الميلاد ممن أنهوا بالأصل كافة التحقيقات من قبل الجهات المختصة، وسلموا كل الوثائق المطلوبة حتى صدر لكل شخص فيهم أمر سامي باسمه بمنح الجنسية، وتم الإعلان عن ذلك بصحيفة أم القرى الرسمية. وتقسيم آخر تحت مسمى “الحلفاء” الذين عاشوا مع قبائل أخرى كما هو متعارف عليه لدى جميع القبائل العربية، كما لا يوجد قبيلة في جميع الوطن العربي إلا لها حلفاء، ويعلم الجميع أن في بعض القبائل شيخ شمل القبيلة نفسها لا ينتمي إليها أصلا، ومع ذلك بعض المسؤولين عن تجاهل وليس عن جهل يحاولون أن يجعلوا من حلفاء القبائل قضية. وقال البعض منهم، أن القبائل العربية ما زالت تحتفظ بعاداتها وتقاليدها، وتحمي من عاشوا معهم واختلطوا معهم بالأرحام من قديم الزمان إلى يومنا هذا، وأن بعض المسؤولين يدركوا تماماً أن جميع القبائل العربية في العالم العربي نشأت من الجزيرة العربية، ولكن هناك خلط بالحقائق، حتى أصبح بعض الجهلة من العامة يحصر العروبة في عدة قبائل فقط. وذهبوا بأن الواعي والمدرك حتى من عامة الناس يعلم أنه لا يمكن أن يعتبر قبيلة مثل “طَيء” التي لا تزال تحمل الاسم نفسه من أيام الجاهلية والتي ينتمي إليها “حاتم الطائي” تعد اليوم من القبائل الحليفة، وأنه لا يشكك في عروبة بني تميم والأشراف الذين يرجع نسبهم إلى أحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم وبقية القبائل العربية كافة لا يشكك في عروبتهم إلا جاهل أو متجاهل. كما ذكر منهم، أن هناك عوائل معروفة أيضاً من حاضرة نجد فيها من عاد وسلم هويته الأجنبية وجواز سفره ووثائق الخدمة العسكرية في بلدان أخرى وحصل على الجنسية السعودية، والبعض منهم حصل على منح مالية أيضاً، ولكن “البدون” وحدوا رأيهم وكلمتهم وأصبح ملفهم واحد وقضيتهم واحدة وطلبهم واحد وهو الحصول على حقهم في وطنهم ووطنيتهم. وبينوا أن أكثر ما تسبب في تعقيد ملف “البدون” هو طلب التوقيع على تعهد جوازات حفر الباطن، رغم صدور أمر مقام وزارة الداخلية بتجديد هويات من انتهت عام 1435هـ، فقالوا أنه لا يمكن أن يتم تجديد بطاقة العمل والتنقل إلا بعد التوقيع على تعهد خطي بأن يحضر “البدون” جنسية من بلد آخر خلال خمس سنوات، على الرغم أنهم لا يحصلون على جواز سفر للبحث عن بلد يقدر وضعه الإنساني ليمنحه حق الانتماء إليه تقديرا لوضعه الإنساني. وأشاروا إلى أن من ضمن المفارقات الكبيرة أن إسرائيل نفسها لم تطلب من عرب 1948 الذين تم منحهم الجنسية الإسرائيلية مثل هذا الشرط على الرغم من العداء الديني والكره والعنصرية، متسائلين كيف يطلب منهم هذا التعهد في وطنهم قبلة المسلمين وبلاد الحرمين ومملكة الإنسانية، معبرين عن ما يتعرضون له من ظلم بعض المؤتمنين على ملفهم، ويصفونهم بالمزورين. وفي هذا السياق، فتحت “المدائن” الستار على بعض من معاناة هؤلاء ليتحدثوا عن ما يواجهونه من صعاب الحياة وضيق العيش، فبكلمات يعصرها قهر الظروف يتحدث “فياض. ص”، مواطن بلا هوية، وقال: “نحن مجهولون الهوية نعيش على هامش الحياة، فقد تتخطى الـ80% نسبة أبناء القبائل ممن لا يستطيعون الزواج إلا بعد سن الـ30 بسبب ضعف ذات البين التي خلفتها البطالة”. وبين صالح محمد هباس، مواطن بلا هوية، أن معاناته ليست أقل البقية، فالكل يعاني المر، وقال: “أنا كشاب أحلم بوظيفة وحياة آمنة مستقرة، ومع صعوبة ظروفنا وقلة الوظائف التي تقبل “البدون” ولا تتخطى في الكثير منها الـ2500 ريال، فنفكر كثيراً أننا ولدنا وليس لدينا مستقبل حتى الممات، وكل حلم ينهدم في ظل اثبات “البدون” الذي نحمله”. وتشير نورة أحمد، إلى أن معاناتها ومعاناة غيرها من “البدون” تكمن في عيشهم على هامش الحياة، وقالت: “تخرجت من جامعة الملك عبدالعزيز، تخصص كيمياء عام بتقدير جيد جداً، وبحثت عن عمل ولم أجد فرصتي في الحياة بعد، وجنسيتي بالوثيقة يمينة، ولكن لم تم المطابقة بين الجنسية بالوثيقة ليتضح الفرق، وكما قالوا لي أنني من البدون والأولية للسعوديات”. ويضيف عواد العيبط الشمري، أنه خدم الوطن من خلال عملة بالسلك العسكري 35 عاماً، ولديه معاملة منذ عام 1411هـ، في اللجنة المركزية للأحوال المدنية، وصدر أمر سامي كريم برقم 13793 تقسيم 4 عام 1428هـ بمنحه الجنسية بالمادة التاسعة والعشرون، وقال: “التحقت بالسلك العسكري عام 1402 بموجب شهادة ميلاد رقم: 603 وتاريخ 28/2/1402هـ. وأضاف: “تم تحويلي إلى أحوال محافظة ثادق عام 1429هـ، وأديت القسم، ثم أعلنت بالجريدة الرسمية أم القرى، وأكملت جميع الإجراءات من شهود وبصمات وباقي فقط إخراج السجل المدني، ثم حولت لوكالة الأحوال المدنية لإخراجه في 15 رمضان من ذات العام، ولا زالت المعاملة تحت الإجراء حتى يومنا هذا”. وعسكري آخر متقاعد أسمه محمد عبد الله، يقول عن وضعه: “خدمت في السلك العسكري أكثر من ثلاثة عقود وأُحلت إلى التقاعد من دون راتب أو مكافأة، وكل ذلك لغياب الرقم الآلي”، ويتبع “هناك جيل بأكمله يشعر أن الجنسية لم تعد ذات منفعة شخصية له، وإنما لأولاده وأحفاده، ويمكنكم التخيل كم أصبح عدد أفراد العائلة منذ 35 عاما”. من جهته، ذكر خالد المصلوخي، أن مصطلح كلمة القبائل النازحة مرفوض لديهم قطعيا كونهم قبائل عائدة والدليل كلمة المغفور له الأمير نايف بن عبدالعزيز عندما سألة أحد الصحفيين، عندما قال: “لا يوجد لدينا ما يسمى بدون، بل قبائل ذهبت وعادت”، والأمير سلطان رحمه الله قال: “هؤلاء سعوديون الأصل”، والدليل العادات والتقاليد واحده. وأشار إلى أنه في صدر في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – أمر سامي رقم: 603/8 تاريخ 01/12/1420هـ، القاضي بتجنيس القبائل النازحة، كما صدر لأصحاب شهادات الميلاد أمر بمنح الجنسية العربية السعودية في تاريخ 1428هـ، ولكن اللجان لم تكمل عملها بتلك الأوامر بعد أن حصل النسبة العظمى منهم على الجنسية، وتبقى من أفراد العائلة الواحدة الأب أو الأبن، وغيرهم أسر كاملة. وأضاف: “الاجتهادات الفردية الخاطئة من بعض أفراد اللجان الأمنية أدت إلى تحريف وتعطيل تنفيذ الأوامر السامية، والتعمد في التشكيك بولائهم، مما نتج عنه التضييق في المجال التعليمي والوظيفي، وكذلك صعوبة في تلقي الخدمات الصحية أسوةٍ بباقي المواطنين، مما أدى ذلك إلى عدم قدرة هذه الفئة بالتعامل مع المجتمع كأحد أفراده لما يواجهونه من معوقات في الزواج واستملاك المسكن والعمل الخاص أو ممارسة أي عمل تجاري”. وزاد بقوله: “نناشد ولاة الأمر التدخل في قضية محاكمة النشطاء الذين قاموا بالتجمع بالقرب من منفذ سلوى في مركز إيواء النازحين، وتصوير مقطع فيديو متوسلين ومناشدين ولاة الأمر بالرحمة بأطفالهم، وإنهاء معاناتهم بمنحهم الجنسية أو السماح لهم بالهجرة، ولم يبدر منهم ما يسيئ للقيم والمبادئ والوطن وولاة الأمر والمجتمع”. وناشد أبناء القبائل العربية، بفتح ملف انتماء عوائل وأفراد قبائل إلى قبائل أخرى، وإظهار ما تسميه بعض الجهات بالتزوير، لمعرفة إن جميع القبائل ينتمي منها أفراد إلى قبائل أخرى والعكس حتى يومنا هذا، مبينين أن ولاة الأمر حفظهم الله من أعرف الناس بالقبائل والعوائل وكذلك الحاضرة، ويعرفون ذلك أكثر من عامة الناس. كذلك طالبوا بفتح ملف التقصير المتعمد من بعض اللجان والجهات الرسمية مثل تعطيل أمر سامي يصدر من المقام السامي بمنح الجنسية لشخص باسمه الصريح، ويُعلن عن ذلك في الصحيفة الرسمية، ويتم إلغاء الأمر من لجنة فقط، وفي أي حال أو قانون تلغي لجنة أمر سامي صادر ومعلن عنه وبدون أمر سامي ينقض الأول. أيضاً طالبوا بفتح ملف التزوير الرسمي من قبل اللجان التي اؤتمنت على ملف “البدون” حيث قام البعض بدس أرقام جوازات كذبا وزورا وتزويرا ومنافذ دخول لكل فرد من “البدون” حتى المولود بالمستشفيات الرسمية والحاصل على شهادة ميلاد رسمية، فأظهرت الجوازات التي سجلت أرقامها في ملفاتهم وبينوا أن هؤلاء كذابين ومزورين. كما طالبوا بتعديل وضع القبائل والأفخاذ والأسماء الذي تم بأمر من الحكومة عندما دعت الجميع لتعديل أوضاعهم وتصحيح بياناتهم، والجميع استفاد من هذا الأمر استجابة لدعوة الحكومة لتصحيح الأوضاع، والذي يجهله أو يتجاهله بعض المسؤولين أن بعض العوائل والأفراد ممن عدلوا بياناتهم كانوا ينتمون إلى القبائل التي انتسبوا لها من أيام الخلافة العثمانية قبل توحيد المملكة، والكل يعلم ويدرك ذلك. وحز في أنفسهم كما قالوا قبول الجهات الرسمية ومصادر القرار إلى ما يُرفع عنهم من تقارير ظالمة وجائرة والاستماع فقط إلى طرف واحد دون إعطاءهم فرصة الدفاع عن أنفسهم، وخلفّ ذلك بينهم وبين ولاة الأمر ردما حيث ظهرت النساء بوسائل الإعلام تستجير ولم تجد من يجيرها، وظهر المسنين يشكون عوزهم وحاجتهم ولم يجدوا من يرق قلبه لهم، ليجبر كسرهم ويرحم ضعفهم والشيوخ والوجهاء أراقوا ماء وجههم بالمطالبات والمناشدات. من جهتها “المدائن” تواصلت مع الأستاذ محمد الجاسر، المتحدث الرسمي لوكالة الأحوال المدنية، ووجهت له ثلاثة محاور منها كيف تواجه الأحوال المدنية التزوير الرسمي من الجهات الرسمية الواضح والصريح والتمثل في تسجيل بيانات جوازات ومنافذ دخول للبدون كذبا وزوراً، إلا أنه لم يردها الجواب منذ ما يقارب الشهر. كذلك وجهت أسئلة إلى الدكتور بندر العيبان رئيس هيئة حقوق الإنسان، حول جواز التلاعب في منح الحقوق والواجبات على أساس عنصري حسب العرق او الحسب والنسب، وإلى أين يتجه من يتعرض للظلم من جهة حكومية وما هو دور هيئة حقوق الانسان في ذلك، كما أرسلت للدكتور مفلح القحطاني رئيس جمعية حقوق الإنسان عن استطاعتها إنصاف المظلومين والمقهورين مثلها مثل جمعيات حقوق الإنسان العالمية. أيضاً تم التواصل مع الأستاذ بندر الفالح المتحدث الرسمي لديوان المظالم، وسألت عن أن بعض “البدون” يفكرون بتقديم شكوى إلى ديوان المظالم لشكوى بعض الجهات التي عطلت أوامر سامية صادرة لمنح الجنسية للبعض، وهل يقبل ديوان المظالم دعوى مقامة باتهام جهات رسمية مثل الجوازات والأحوال المدنية في حال تقديم المدعي ما يثبت ذلك. وتواصلت مع الرائد طلال الشلهوب المتحدث الرسمي للجوازات، وسألته حول الجديد فيما يخص ملف قضية القبائل النازحة لدى الإدارة العامة للجوازات، وكذلك عن صحة ما يتناقله البعض من إلغاء التعهد وتغيير شكل ومضمون بطاقة العمل والتنقل الخاصة بالقبائل العربية لتتناسب مع خصوصيتهم بدل من إقامة الوافدين المستخدمة حالياً. إلا أننا لم نجد أي تجاوب منذ ما يقارب الشهر من جميع الجهات المذكورة أعلاه، على الرغم من قرار مجلس الوزراء السعودي بإلزام كافة الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة والأجهزة الحكومية الأخرى وبخاصة الجهات الخدمية بتعيين متحدثين رسميين في المقرات الرئيسة لإيضاح الحقائق لوسائل الإعلام. وتتلخص المهمة الرئيسة للمتحدثين في إحاطة وسائل الإعلام بما لدى جهاتهم والجهات المرتبطة بهم من أخبار أو بيانات أو إيضاحات وكذلك التجاوب مع ما يرد إليها من تساؤلات والرد عليها، وما ينشر عنها من أخبار أو معلومات تهم الشأن العام، بهدف الحد مما وصف بتجاوزات بعض الكتاب والصحفيين غير المتخصصين، والادعاءات غير الصحيحة فيما يتعلق بأعمال بعض الوزارات الخدمية.
اقرأ المزيد